أين المقــــ×ـــص ؟!!
كان اليوم عاديا ، عاديا جداً ، ليس هناك ما يشير إلى حدوث شيئا محزن مثلما كان يتبادر في داخله قبل حدوث أي حدث سيء ، كان اليوم عاديا .. عاديا جداً ، مثل الأيام التي مضت ودع النهار يومه العادي ليأتي الليل وكعادته دائما حاملا معه خبر مفاجئ ، موت امرأة في حادث سير مروع ، لم يشعر بالحزن الشديد عند سماعه الخبر ، رغم أن الخبر كان مفاجئ تسلل داخل ذلك اليوم العادي ، حاول أن يشغل نفسه بأي شيء محاولا تجاهل ما سمع كي لا يتسرب الحزن داخله ، شيئا فشيئا بدء مزاجه يتغير ، الحزن يحيطه من كل جانب ، شعر بذلك عندما رأى كل من في البيت قد ظهر الحزن على وجوههم والبعض بدء في البكاء
هرب إلى غرفته لعله يستطيع الابتعاد عن وجوه الحزن ، أصبح وحيدا بلا حزن ..سأل نفسه : لماذا لم أحزن رغم لهذه المرأة ذكرى جميلة أيام طفولتي مع أبناءها الذين كنت أقضي معهم معظم أوقاتي وأجملها؟!! ، فجأة تذكر ذلك اليوم الأسود ، هكذا أطلق عليه ...
- نعم أنه اليوم ا لأسود .. قال : قال هكذا مؤكداً
في مثل هذا اليوم وفي نفس هذا الليل الموحش ، رحل رجلٌ عزيز عليه وعلى كل من في القرية حيث أمطرت عيناه بالدموع في ذلك اليوم ، نظر في مرآة دولابه إلى عيناه الجافتين ، قال في نفسه :
- يبدوا أن دموعي قد نفدت بسبب بكائي الشديد في ذلك اليوم الأسود ، إذا أنا الآن رجلٌ بلا دموع .
وجد نفسه يقلب صفحات الأيام التي قضاها في بيت المرأة الراحلة ، شعر بان عليه الذهاب إلى جنازتها بعد أن ذهب كل من في البيت ، خرج مسرعا ، بدء يمشي في طرقات القرية بخطوات سريعة ، المكان مظلم والجو معكر بالدخان الكثيف ، تذكر ذلك المكان الذي يتحدث عنه أهالي القرية بان الدخان تتصاعد منه دائما في وقت الليل ولا احد يعرف سببها او مصدرها ، البعض يقول بان الجن يصنعون عشاءهم ، والآخر يقول بأن قلوب عشاق القرية تحترق .
أخذ يشق طريقه بين طرقات القرية بغيت الوصول إلى مكان المقبرة ، القرية خاليه تمام لم يصادف أحد في طريقة الجميع ذهب إلى الجنازة ، شعر بخوف بداخله وازداد خوفه أكثر عندما وصل إلى الحارة القديمة المهجورة ، وحينما سمع أصوات كلاب مسعورة تقترب منه ، فكر بالعودة إلى البيت ، حاول أن يتغلب على خوفه وواصل طريقة بخطوات كبيرة وهو يلتفت يميناً ويساراً ، فجأة سمع أصوات نساء تقترب منه عائدات من بيت تلك المرأة الراحلة ، شعر بشي من الراحة قليلاً ، واصل طريقه بسرعة وصوت النساء يقترب منه أكثر ، قال في نفسه وبابتسامه حزينة ارتسمت على شفتيه :
- يبدو أن حديثهن الآن يدور عن المرأة الراحلة ، يتناوبن على ذكر سيرة حياتها كلها
عندما أصبح في مواجهتهن قال بصوت خافت "السلام عليكم" .. بصوت خافت أيضا "عليكم السلام" ..سمع أمرآة تتحدث عن حالة الجو السيئة في هذه الأيام .. قال في نفسه :
- إنها فترة نشرة الأحوال الجوية .
أقترب الآن من مكان المقبرة ورأى الناس من بعيد يتحركون ببطء وانكسار والمرأة الراحلة تمشي فوق رؤوسهم ، أزداد خوفه هذه المرة أكثر من هول المشهد ، لكنه واصل السير بخطوات أسرع ، وعندما وصل على مدخل المقبرة وجد صبي لا يتعدى العاشرة من عمره ، شعر من خلال النظر في عينيه أنه يريد اللحاق بالناس لكنه خاف أن يمشي وحده ، أخذ الصبي يمشي أمامه ببسالة وشجاعة .. قال في نفسه :
-مسكين لا يدري بأني الذي يحتمي به الآن ، في داخله خوف أكبر من خوفه.
عندما وصلا إليهم ، شاهد الصبي يخترق جموع الناس واختفى بينهم ، أما هو فتردد في الاقتراب بسبب الخوف الذي لازال يلازمه ، شعر بيد تمسك كتفه وصوت يهمس في إذنه " انتبه أمامك قبر صغير قبل أن تطأه بقدمك " كان أحد زملائه في المدرسة ، ذهب وأخذ مكاناً في طابور الجنازة البشري ، رأى في مواجهته الابن الأكبر للراحلة ، لم يتجرا الحديث معه أو حتى تعزيته على الأقل فقد رأى الحزن الذي يملا عينه يجعله يصوم عن الكلام لعدة أيام .
هم الناس بالصلاة بينما هو تراجع إلى الخلف مع بعض الذين لم يصلوا صلاة الميت في حياتهم ، سمع خلفه أصوات حفر القبر مازالت مستمرة ، سمع صوت رنين احد المصلين "أغلقه" .. انتهت الصلاة .
أخيراً وصلت الراحلة إلى مكانها الأخير ، وقف بعيداً عن الذين تجمعوا حول القبر من كل الجهات ، الأطفال يزاحمون الكبار أيضا ، ارتفعت الطارقة فوق رؤوس الناس لكن هذه المرة خاليه ، أخذها أحدهم إلى سيارة كانت واقفة بالقرب من القبر تضيء للناس ليسكنوا راحلتهم ، الطارقة تأخذ مكانها في السيارة استعداداً للعودة إلى مكانها لتنقل شخصا أخر في يوما حزين آخر ، شخصا يزعق " المقص .. هناك المقص في الطارقة" آخر أيضا " لا تنسوا المقص في المقبرة ، أخذ أحد يبحث عن المقص ، أقترب هو من السيارة ، لاحظ بان الرجل الذي يبحث عن المقص لم يجده ولو يهتم كثيراً في البحث عنه ، لكن الاهتمام ظل بداخله هو ، فكر في البحث عن المقص لكنه تراجع بسبب الخوف الذي رفض أن يغادره ، فلم يتجرا فسأل نفسه " أين المقص " ؟!!!
كان اليوم عاديا ، عاديا جداً ، ليس هناك ما يشير إلى حدوث شيئا محزن مثلما كان يتبادر في داخله قبل حدوث أي حدث سيء ، كان اليوم عاديا .. عاديا جداً ، مثل الأيام التي مضت ودع النهار يومه العادي ليأتي الليل وكعادته دائما حاملا معه خبر مفاجئ ، موت امرأة في حادث سير مروع ، لم يشعر بالحزن الشديد عند سماعه الخبر ، رغم أن الخبر كان مفاجئ تسلل داخل ذلك اليوم العادي ، حاول أن يشغل نفسه بأي شيء محاولا تجاهل ما سمع كي لا يتسرب الحزن داخله ، شيئا فشيئا بدء مزاجه يتغير ، الحزن يحيطه من كل جانب ، شعر بذلك عندما رأى كل من في البيت قد ظهر الحزن على وجوههم والبعض بدء في البكاء
هرب إلى غرفته لعله يستطيع الابتعاد عن وجوه الحزن ، أصبح وحيدا بلا حزن ..سأل نفسه : لماذا لم أحزن رغم لهذه المرأة ذكرى جميلة أيام طفولتي مع أبناءها الذين كنت أقضي معهم معظم أوقاتي وأجملها؟!! ، فجأة تذكر ذلك اليوم الأسود ، هكذا أطلق عليه ...
- نعم أنه اليوم ا لأسود .. قال : قال هكذا مؤكداً
في مثل هذا اليوم وفي نفس هذا الليل الموحش ، رحل رجلٌ عزيز عليه وعلى كل من في القرية حيث أمطرت عيناه بالدموع في ذلك اليوم ، نظر في مرآة دولابه إلى عيناه الجافتين ، قال في نفسه :
- يبدوا أن دموعي قد نفدت بسبب بكائي الشديد في ذلك اليوم الأسود ، إذا أنا الآن رجلٌ بلا دموع .
وجد نفسه يقلب صفحات الأيام التي قضاها في بيت المرأة الراحلة ، شعر بان عليه الذهاب إلى جنازتها بعد أن ذهب كل من في البيت ، خرج مسرعا ، بدء يمشي في طرقات القرية بخطوات سريعة ، المكان مظلم والجو معكر بالدخان الكثيف ، تذكر ذلك المكان الذي يتحدث عنه أهالي القرية بان الدخان تتصاعد منه دائما في وقت الليل ولا احد يعرف سببها او مصدرها ، البعض يقول بان الجن يصنعون عشاءهم ، والآخر يقول بأن قلوب عشاق القرية تحترق .
أخذ يشق طريقه بين طرقات القرية بغيت الوصول إلى مكان المقبرة ، القرية خاليه تمام لم يصادف أحد في طريقة الجميع ذهب إلى الجنازة ، شعر بخوف بداخله وازداد خوفه أكثر عندما وصل إلى الحارة القديمة المهجورة ، وحينما سمع أصوات كلاب مسعورة تقترب منه ، فكر بالعودة إلى البيت ، حاول أن يتغلب على خوفه وواصل طريقة بخطوات كبيرة وهو يلتفت يميناً ويساراً ، فجأة سمع أصوات نساء تقترب منه عائدات من بيت تلك المرأة الراحلة ، شعر بشي من الراحة قليلاً ، واصل طريقه بسرعة وصوت النساء يقترب منه أكثر ، قال في نفسه وبابتسامه حزينة ارتسمت على شفتيه :
- يبدو أن حديثهن الآن يدور عن المرأة الراحلة ، يتناوبن على ذكر سيرة حياتها كلها
عندما أصبح في مواجهتهن قال بصوت خافت "السلام عليكم" .. بصوت خافت أيضا "عليكم السلام" ..سمع أمرآة تتحدث عن حالة الجو السيئة في هذه الأيام .. قال في نفسه :
- إنها فترة نشرة الأحوال الجوية .
أقترب الآن من مكان المقبرة ورأى الناس من بعيد يتحركون ببطء وانكسار والمرأة الراحلة تمشي فوق رؤوسهم ، أزداد خوفه هذه المرة أكثر من هول المشهد ، لكنه واصل السير بخطوات أسرع ، وعندما وصل على مدخل المقبرة وجد صبي لا يتعدى العاشرة من عمره ، شعر من خلال النظر في عينيه أنه يريد اللحاق بالناس لكنه خاف أن يمشي وحده ، أخذ الصبي يمشي أمامه ببسالة وشجاعة .. قال في نفسه :
-مسكين لا يدري بأني الذي يحتمي به الآن ، في داخله خوف أكبر من خوفه.
عندما وصلا إليهم ، شاهد الصبي يخترق جموع الناس واختفى بينهم ، أما هو فتردد في الاقتراب بسبب الخوف الذي لازال يلازمه ، شعر بيد تمسك كتفه وصوت يهمس في إذنه " انتبه أمامك قبر صغير قبل أن تطأه بقدمك " كان أحد زملائه في المدرسة ، ذهب وأخذ مكاناً في طابور الجنازة البشري ، رأى في مواجهته الابن الأكبر للراحلة ، لم يتجرا الحديث معه أو حتى تعزيته على الأقل فقد رأى الحزن الذي يملا عينه يجعله يصوم عن الكلام لعدة أيام .
هم الناس بالصلاة بينما هو تراجع إلى الخلف مع بعض الذين لم يصلوا صلاة الميت في حياتهم ، سمع خلفه أصوات حفر القبر مازالت مستمرة ، سمع صوت رنين احد المصلين "أغلقه" .. انتهت الصلاة .
أخيراً وصلت الراحلة إلى مكانها الأخير ، وقف بعيداً عن الذين تجمعوا حول القبر من كل الجهات ، الأطفال يزاحمون الكبار أيضا ، ارتفعت الطارقة فوق رؤوس الناس لكن هذه المرة خاليه ، أخذها أحدهم إلى سيارة كانت واقفة بالقرب من القبر تضيء للناس ليسكنوا راحلتهم ، الطارقة تأخذ مكانها في السيارة استعداداً للعودة إلى مكانها لتنقل شخصا أخر في يوما حزين آخر ، شخصا يزعق " المقص .. هناك المقص في الطارقة" آخر أيضا " لا تنسوا المقص في المقبرة ، أخذ أحد يبحث عن المقص ، أقترب هو من السيارة ، لاحظ بان الرجل الذي يبحث عن المقص لم يجده ولو يهتم كثيراً في البحث عنه ، لكن الاهتمام ظل بداخله هو ، فكر في البحث عن المقص لكنه تراجع بسبب الخوف الذي رفض أن يغادره ، فلم يتجرا فسأل نفسه " أين المقص " ؟!!!