الأربعاء، 30 سبتمبر 2009

منال


ها أنت الآن تمسك بالقلم محاولاً الركض به في الصحاري البيضاء التي أمامك ، سوف تكتب روايتك الجديدة ، الجميع بانتظارها بعد أن حققت روايتك الأولى انتشار واسع وصدى كبير بين المثقفين والأدباء داخل البلد وخارجها ، وبين أصحابك وزملائك في العمل وفي قريتك الصغيرة أيضا .
لم تكن تتوقع لروايتك الأولى كل ذلك الانتشار والإعجاب وتهافت الجميع للحصول عليها وقراءتها لأكثر من مرة ، كانت أيام جميلة ومهمة في حياتك ، خلالها عشت طعم النجاح والتألق كنجم في السماء ، تعرفت على الكثير من الكتاب والأدباء والمثقفين ، وبدأت تشعر بأن الفرح يفتح لك ذراعيه ، حبيبتك منال قد عادت إليك بعد أن خاصمتك بسبب انشغالك الدائم عنها في كتابة روايتك الأولى وشكها في مدى حبك لها ، لكنها عادت بعد ما أدركت أهمية الوقت الذي كنت تقضيه في المنزل للكتابة ، وبعد النجاح الكبير الذي حققته الرواية وبروز اسمك كواحد من أهم الروائيين في البلد .
تتذكر اليوم الذي رأيت فيها منال بعد ابتعادها عنك ، فاجأتك بمجيئها وجلوسها في مقدمة الحضور خلال جلسة نقدية حول روايتك الأولى ، فبرغم من انتفاخ بالون الغضب بداخلك بسبب الانتقادات التي كانت توجه لك من بعض الكتاب والنقاد الحاقدين والغيورين من نجاحك السريع ، إلا أن ثقتك بنفسك وبنجاح روايتك قد ازدادت بداخلك عندما رأيتها ، فأكملت الجلسة بنرجسية أكثر .
لقد نضجت لديك حرفية الكتابة الروائية واستفدت كثيرا من تجربتك الأولى وأصبحت تعرف المواضيع التي تشغل الناس وتعبر عنهم ، لذا أصبحت لديك ثقة كبيرة داخل قرار نفسك ، بأن روايتك الجديدة سوف تحقق نجاحاً وانتشاراً أكبر من الأولى وبأن الجميع سوف يتهافت لشرائها ، وأن الكثير من وسائل الإعلام بمختلف أشكالها سوف تسعى إلى إجراء الكثير من اللقاءات معك ، هذا ما حصل بالفعل في روايتك الأولى .
الآن وخلال بداية رحلتك في كتابة روايتك الجديدة ، بدأت تتخيل موقف الكثير من الكتاب الحاقدين الذين سوف ينتقدوك في مقالاتهم الصحفية ، لكنك لا تهتم بما يكتبون وما يقولون ما دام الكثير من القراء يحب روايتك ، ويسعون إلى اللحاق بك في أي مكان كي يحصلوا على توقيعك ، خاصةً السوداوات ، موقف إحداهن ما زلت تتذكره ، فبينما كنت تجلس في إحدى المقاهي الراقية برفقة أحد أصدقائك ، فاجأتك إحداهن وطلبت منك أن توقع لها على روايتك الأولى والتي كانت تحملها بين يديها الجميلة كحمامة تحتضن في فمها وردة حمراء ، أعطتك الرواية مع قلمها الوردي وطلبت منك أن تكتب لها عبارة " بكل ما تحمله روايتي من معاناة الأمل .. أحبك " كتبت لها ما طلبت مع أنه دائما الكاتب هو الذي يكتب ما يريده على كتاباته عندما يوقع لأحد القراء ، أعدت إليها الرواية وسألتها عن أسمها قالت : أمل ، حينها رايتها تعيد إليك الرواية مرة أخرى ثم قالت لك :
- لن أجد هدية أهديها لك أجمل من الكلمات التي اخترتها أنا وخطتها أنامل يدك بقلمي الوردي كي تتذكرني دائما ، فانا لدي نسخة أخرى منها ومع أختي الصغرى كذلك وعند معظم صديقاتي .
قال لك صديقك الذي كان يشاهد هذا الموقف بإندهاش :
-كم أنت مشهووووور يا عزيزي .
عندما تتذكر ذلك الموقف تضحك مع نفسك ، وتزداد تفاخراً وغرور ..
- يا لغرابة هؤلاء السوداوات !! (قلت).

تكتب روايتك الجديدة وحبيبتك منال بعيدة عنك الآن ، هي لن تشاركك هذه المرة نجاحها ، ولن تحضر الجلسات النقدية للرواية ، ولن تتابع حواراتك في الإذاعة والتلفزيون ، ولن تشتري كل المجلات والصحف التي تجري اللقاءات معك ولن تقص صورك منها ، ولن تغار من الكاتبة التي تظهر علامات إعجابها بك في مقالاتها بإحدى المجلات الثقافية ، منال طارت مع عريسها زكريا إلى سيدني ، حيث يكمل دراسته هناك ، فما زلت تتذكر عندما أتت لتخبرك بأن ثمة شاب يدعى زكريا تقدم لخطبتها وان أهلها يحاولون بإصرار إقناعها بالموافقة عليه لإعجابهم الشديد فيه وبسبب بعض العادات الجائرة لدبهم ، يومها قلت لها :
- تعلمين كم أنا أحبك ولكن لدي الكثير لأحققه قبل الارتباط بقيد الزواج ، الكتاب لا يتزوجون إلا عندما يتعدون الثلاثين من عقدهم ، الكتاب لديهم شهية كبيرة في الحب أكثر من شهيتهم في الزواج ، فهل انتظرتني لسنوات قليلة قادمة ، أكون وقتها قد بلغت مراتب الكتاب الكبار .. وتكونين أنت زوجة الكاتب الكبير ..... أنا لا أريد أن أكون كالآخرين أتزوج هذه السنة ليأتيني مولود يزاحمني حياتي في السنة القادمة ، لدي الكثير لأفعله وأتعلمه ، أنا حتى الآن مثلاً .. لم أتعلم بعد تدخين السيجارة، فهي مهمة جداً لطقوس الكتابة ومهمة أيضاً لمجالسة الأدباء والكتاب والمثقفين في جلساتهم على المقاهي .
ثم قلت لها بعصبية مصطنعة :
- هل رأيتِ كم هناك أشياء يمكن أن يفعلها الكتاب غير دفن رؤوسهم في حضن امرأة جميلة والتقلب في سرير حريري ؟ .. قالت لك :
- أناني .. حقير .. كم أكرهك .. قلت لها :
- كم أحبك وأجمل ما في الحب مفاجآت الفراق !!.
ظننت بعد ذلك اليوم بأن لديك القدرة على التخلص من عباءة حبك لمنال ، وأن موهبتك الفذة في الكتابة كفيله وحدها بأن تجعلك تغرد خارج حدود السرب الذي يغرد فيه الآخرون ، وكفيلة بان تجعلك تسبح في فضاء خارج مجرتنا المملة والكئيبة ، ولكنك بعد مرور سنة تقريبا على فراقكم ، تجد نفسك تحاول ارتدائها مرة أخرى ، وأن الكتابة دونها ليس إلا كمن يكتب في رمال الشاطئ ستمحوها أيادي الموج مع مرور الوقت ، وأن تحليقك وحيداً لن يكون علويٌ أبداً بل هو سقوط في قاع الأرض كمطر الصيف ، فها هي خيوط روايتك الجديدة تمتد إليها بل تستعيدها وتقربها منك ، أنت الآن على أبواب كتابة رواية واقعية بينما روايتك الأولى هي مزيج بين الواقع والخيال ، لم تكن تتوقع يوماً منذ فراقها بأنك سوف تكتب عن حبك لمنال ، وان شعورك نحوها هو الحب بعينه ، نعم انه الحب ، وإلا لما أنت الآن وبعد أن أصبحت في أحضان غيرك تحاول أن تعيد شريط أيامك معها .
- آآه كم أفتقدك يا منال (قلت)
أصبحت الآن تردد هذه العبارة دائماً عندما شعرت بأن الحزن قد بدء يفتح لك فمه الكبير ، ما زلت تتعذب برحيلها منذ إحدى عشر شهر وسبعة أيام هكذا حسبتها ، تاريخ رحيلها لا يزال عالقاً في ذاكرتك ، في ليلة موعدها مع الفستان الأبيض ، كنت تسهر مع بعض الأصدقاء في جلسه عبثية ليس إلا ، ليلتها لم تشعر بفقدانها أبداً ، كنت تعتقد بأنها قد خسرت حب رجل استثنائي في هذه الحياة ..
- (تسأل نفسك الآن ) هل أنا رجلٌ استثنائي حقاً ؟!! .
مولودتك الجديدة محفورة في ذاكرتك منذ رحيلها ، ولم يبقى إلا أن تمطرها على الصحاري البيضاء التي فوق مكتبك ، فهذه المرة سيكون قرائك على موعد مع قصة واقعية هي قصة حبك لمنال ، لكنك في بعض الأحيان تتردد في كتابتها ، كتابتك هذه المرة كمن يحفر قبره بيده ، ماذا لو قراء زكريا روايتك هذه وعرف قصة حبك لزوجته وتعلقك الشديد بها حتى الآن ، ماذا سوف يفعل ؟ هل سيصمت أم سوف يعترض طريقك وأنت عائد إلى المنزل ويرمي الرواية في وجهك ويلقي عليك الشتائم ، أم سيهاجمك في إحدى الجلسات النقدية ويرميك بإحدى الكراسي الحمراء ، أم سيأتي إلى مكتبك ويقلب عليك الطاولة ... هكذا تحاول أن تتخيله عندما يقرأ روايتك ..
- آآه هكذا هم الرجال يصبحون ثيران هائجة عندما يتعرض أحد لشرفهم (قلت) .
قررت بان لا تصرح باسم منال في روايتك القادمة ، فكرت أن تستعير عنها باسم آخر كليلى أو بثينه أو لبنى أو أي اسم أخر كما يفعل الشعراء في هذه الأيام خوفا من معرفة الناس لحبيباتهم ، لكنك لم تستطع ذلك ، فمنذ أن طرقت بابك فكرة كتابة قصتك مع حبيبتك منال أسميتها باسمها " منال " ، نعم عنوان روايتك الجديدة منال ، وتعتقد أن الاستعارة باسم آخر هو إجهاض في حق حبك وفي وحق صاحبة القصة الحقيقية .
- أنا روائي موهوب استطعت جذب القراء منذ روايتي الأولى ، وروايتي الجديدة منال هو عمل أدبي لا يعني زكريا في شيء وليس له الحق فيما سيفعله ، وأيضا لا يعني منال التي سوف تخاف على مستقبل زواجها بعد صدور الرواية ، ما حصل هو قصة واقعية لا تستطيع منال إنكارها وحدثت قبل زواجها ، وحتى فصول روايتي بعد زواجها ليس لأحد أي حق عليّ فهي مشاعري التي أكنها وأحلامي التي تمنيتها . وانه لشرف كبير لأحد أن يكون من ضمن شخصيات روايتي ، فما حققته من نجاح وما سأحققه من خلال روايتي هذه لم يستطع أحد قبلي تحقيقه بهذه السرعة (قلت لنفسك مبرراً محاولاً استعادة نرجسيتك الضائعة).
أخيراً انتهيت من كتابة روايتك "منال" بعد معاناة كبير مع ذاكرتك المتعبة المليئة بالجروح والأحزان ومع دموعك التي هطلت على الأوراق أثناء الكتابة ومع نوبات الغضب التي انتابتك في بعض الأحيان والتي تنتهي في كثير من الأحيان بالبكاء كطفل أفاق من نومه ولم يجد أمه بجانبه .
أصبحت الآن ذاكرتك وأحزانك ودموعك وحبك بين يديك في هذه الأوراق التي تمسك بها بعد أن أكملت مشوار رحلتها طوال الليالي الماضية ، قلت وأنت تضعها في الأدراج :
- يا لغرابة أدراجي هذه ، مثلما خبأت بها رسائل غرام منال وبطاقات التهاني وورودها المعطرة الذابلة داخلها الآن ، ها هي الآن تخبي أحزانها وآلامها ، ليت قلبي مثل أدراجي يحتفظ بالحب والحزن معاً ، ولكننا نحن كطبيعة بشرية دائما تنساب الأفراح من داخلنا وتتسرب الأحزان بدلها .
بعد سنوات نسيت أن تعدّها ما زلت روايتك "منال" حبيسة أدراجك ، لقد حكمت عليها بالسجن المؤبد ومن ثم الإعدام عندما تستطيع تنفيذه، بسبب موت منال وزوجها وأبنها الصغير في حادث سير بعد يومين من عودتهم للبلاد ، فأثناء محاولتك المؤلمة لإكمال فصل الرواية والأخير بعد موتها ، قررت اعتزال الكتابة نهائيا ، واعتبرت صدور روايتك كأنك تحفر في قبر منال .. لذا ظلت منال رواية لم تكتمل .


الأربعاء، 16 سبتمبر 2009

ما الذي أخافني ؟!


ما الذي أخافني ؟!!
لا أسمع لا أرى شيئا
سوى صوت خطواتي
ظلام الليل دامس
الخوف بداء يتسلل بداخلي
لا ارى احدا .. لا اسمع صوتا ولا همسا
أسمع صوت نباح كلاب
الخوف يزداد أكثر
لم أخرج من قبل وحدي
لماذا خرجت لاادري
صوت نباح الكلاب يزداد
كلما ابتعدت عن البيت أكثر
والخوف يزداد أكثر وأكثر
لو كنت لا اسكن القريه
لقلت أنها مهجورة
الغريب الذي سيأتي
سيضن أنها مسحورة
أقتربت من المسجد قد أجد معتكفا
لا نعال أمام الباب
كلب من الطريق يعبر
والخوف ازداد اكثر
بسرعة هممت العوده
أنظر خلفي بعد كل خطوة
كلما اقتربت من بيتي
صوت الكلاب تدريجيا يختفي
وبداء يقل خوفي
ووصلت الى باب بيتي
وقفت عنده ونظرت خلفي
حينها سألت نفسي
لما كان يزداد خوفي
حينما أبتعد عن باب بيتي

الأحد، 30 أغسطس 2009

أين المقــــ×ـــص ؟!!


أين المقــــ×ـــص ؟!!
كان اليوم عاديا ، عاديا جداً ، ليس هناك ما يشير إلى حدوث شيئا محزن مثلما كان يتبادر في داخله قبل حدوث أي حدث سيء ، كان اليوم عاديا .. عاديا جداً ، مثل الأيام التي مضت ودع النهار يومه العادي ليأتي الليل وكعادته دائما حاملا معه خبر مفاجئ ، موت امرأة في حادث سير مروع ، لم يشعر بالحزن الشديد عند سماعه الخبر ، رغم أن الخبر كان مفاجئ تسلل داخل ذلك اليوم العادي ، حاول أن يشغل نفسه بأي شيء محاولا تجاهل ما سمع كي لا يتسرب الحزن داخله ، شيئا فشيئا بدء مزاجه يتغير ، الحزن يحيطه من كل جانب ، شعر بذلك عندما رأى كل من في البيت قد ظهر الحزن على وجوههم والبعض بدء في البكاء

هرب إلى غرفته لعله يستطيع الابتعاد عن وجوه الحزن ، أصبح وحيدا بلا حزن ..سأل نفسه : لماذا لم أحزن رغم لهذه المرأة ذكرى جميلة أيام طفولتي مع أبناءها الذين كنت أقضي معهم معظم أوقاتي وأجملها؟!! ، فجأة تذكر ذلك اليوم الأسود ، هكذا أطلق عليه ...
- نعم أنه اليوم ا لأسود .. قال : قال هكذا مؤكداً
في مثل هذا اليوم وفي نفس هذا الليل الموحش ، رحل رجلٌ عزيز عليه وعلى كل من في القرية حيث أمطرت عيناه بالدموع في ذلك اليوم ، نظر في مرآة دولابه إلى عيناه الجافتين ، قال في نفسه :
- يبدوا أن دموعي قد نفدت بسبب بكائي الشديد في ذلك اليوم الأسود ، إذا أنا الآن رجلٌ بلا دموع .
وجد نفسه يقلب صفحات الأيام التي قضاها في بيت المرأة الراحلة ، شعر بان عليه الذهاب إلى جنازتها بعد أن ذهب كل من في البيت ، خرج مسرعا ، بدء يمشي في طرقات القرية بخطوات سريعة ، المكان مظلم والجو معكر بالدخان الكثيف ، تذكر ذلك المكان الذي يتحدث عنه أهالي القرية بان الدخان تتصاعد منه دائما في وقت الليل ولا احد يعرف سببها او مصدرها ، البعض يقول بان الجن يصنعون عشاءهم ، والآخر يقول بأن قلوب عشاق القرية تحترق .
أخذ يشق طريقه بين طرقات القرية بغيت الوصول إلى مكان المقبرة ، القرية خاليه تمام لم يصادف أحد في طريقة الجميع ذهب إلى الجنازة ، شعر بخوف بداخله وازداد خوفه أكثر عندما وصل إلى الحارة القديمة المهجورة ، وحينما سمع أصوات كلاب مسعورة تقترب منه ، فكر بالعودة إلى البيت ، حاول أن يتغلب على خوفه وواصل طريقة بخطوات كبيرة وهو يلتفت يميناً ويساراً ، فجأة سمع أصوات نساء تقترب منه عائدات من بيت تلك المرأة الراحلة ، شعر بشي من الراحة قليلاً ، واصل طريقه بسرعة وصوت النساء يقترب منه أكثر ، قال في نفسه وبابتسامه حزينة ارتسمت على شفتيه :
- يبدو أن حديثهن الآن يدور عن المرأة الراحلة ، يتناوبن على ذكر سيرة حياتها كلها
عندما أصبح في مواجهتهن قال بصوت خافت "السلام عليكم" .. بصوت خافت أيضا "عليكم السلام" ..سمع أمرآة تتحدث عن حالة الجو السيئة في هذه الأيام .. قال في نفسه :
- إنها فترة نشرة الأحوال الجوية .
أقترب الآن من مكان المقبرة ورأى الناس من بعيد يتحركون ببطء وانكسار والمرأة الراحلة تمشي فوق رؤوسهم ، أزداد خوفه هذه المرة أكثر من هول المشهد ، لكنه واصل السير بخطوات أسرع ، وعندما وصل على مدخل المقبرة وجد صبي لا يتعدى العاشرة من عمره ، شعر من خلال النظر في عينيه أنه يريد اللحاق بالناس لكنه خاف أن يمشي وحده ، أخذ الصبي يمشي أمامه ببسالة وشجاعة .. قال في نفسه :
-مسكين لا يدري بأني الذي يحتمي به الآن ، في داخله خوف أكبر من خوفه.
عندما وصلا إليهم ، شاهد الصبي يخترق جموع الناس واختفى بينهم ، أما هو فتردد في الاقتراب بسبب الخوف الذي لازال يلازمه ، شعر بيد تمسك كتفه وصوت يهمس في إذنه " انتبه أمامك قبر صغير قبل أن تطأه بقدمك " كان أحد زملائه في المدرسة ، ذهب وأخذ مكاناً في طابور الجنازة البشري ، رأى في مواجهته الابن الأكبر للراحلة ، لم يتجرا الحديث معه أو حتى تعزيته على الأقل فقد رأى الحزن الذي يملا عينه يجعله يصوم عن الكلام لعدة أيام .
هم الناس بالصلاة بينما هو تراجع إلى الخلف مع بعض الذين لم يصلوا صلاة الميت في حياتهم ، سمع خلفه أصوات حفر القبر مازالت مستمرة ، سمع صوت رنين احد المصلين "أغلقه" .. انتهت الصلاة .
أخيراً وصلت الراحلة إلى مكانها الأخير ، وقف بعيداً عن الذين تجمعوا حول القبر من كل الجهات ، الأطفال يزاحمون الكبار أيضا ، ارتفعت الطارقة فوق رؤوس الناس لكن هذه المرة خاليه ، أخذها أحدهم إلى سيارة كانت واقفة بالقرب من القبر تضيء للناس ليسكنوا راحلتهم ، الطارقة تأخذ مكانها في السيارة استعداداً للعودة إلى مكانها لتنقل شخصا أخر في يوما حزين آخر ، شخصا يزعق " المقص .. هناك المقص في الطارقة" آخر أيضا " لا تنسوا المقص في المقبرة ، أخذ أحد يبحث عن المقص ، أقترب هو من السيارة ، لاحظ بان الرجل الذي يبحث عن المقص لم يجده ولو يهتم كثيراً في البحث عنه ، لكن الاهتمام ظل بداخله هو ، فكر في البحث عن المقص لكنه تراجع بسبب الخوف الذي رفض أن يغادره ، فلم يتجرا فسأل نفسه " أين المقص " ؟!!!


السبت، 29 أغسطس 2009

هذيان خارج نطاق التغطية

- كنت آخر من خرج من قاعة السينما بعد نهاية الفيلم، والوحيد الذي رأى القبلة التي طبعها المخرج على البطلة.

- العصافير لا تخاف من الفزاعات المنصوبة ...
على سنابل القمح أن تبحث عن طريقة أخرى لتحمي نفسها من مشاكسة الطيور.

- يا ترى ماذا تقول عني الملائكة، وأنا كل يوم بين ذنوب ومغفرة.

- الأطفال يحتمون داخل البيت خوفاً من المطر .. والأم تخاف على غسيلها المنشور فوق سطح البيت والأب يخاف على التمر المفروش على الأرض .. يا إلهي ماذا فعلت أيها المطر لتخيف كل من في البيت.

- كان لا بد أن تتشاجر القطط خلف نافذتي، لتوقظني بدلاً من المنبه الذي خانني هذه المرة.

- لا يوجد فيلم سينمائي يمكن أن تتابعه العائلة مجتمعة، فقط يمكن أن يتابع كل واحد منفرداً.


- يا ترى هل تعلم النساء بأنه يوجد نوعين من المراحيض داخل المراكز التجارية؟!!.

- ماذا تفعل حين يستفزك الحب؟!

- كره الصباح لأن منبهه الصباحي كان موسيقى حزينة

- كيف سيأتي النوم والمطر ما يزال ينقر ظهر المكيف.

- لم يستطع أن يفض البكارة والموسيقى ما زالت صاخبة.

-عندما تغيب الشمس من لي ؟!!

- بياض بطعم الحب.

- هل يكفي فقط أن أرى عينيها وهي تتوشح بالسواد.

- أصعب الأسئلة التي تواجهني .. عرّف نفسك؟ علي أن أسأل نفسي أولاً

- ممممممممم ،،،، صلاة على إيقاع الموسيقى.

- لقد اقترفت كل الجرائم تقريباً، ما عدا جريمة الحب.

- ما دام باب التوبة مفتوح دائماً، فلا بأس أن تمارس قليلاً من المعاصي، ويتلطخ دفتر الذنوب بحبر ملائكي.

- ماذا يفعل الحب في كيس الإسمنت، أيريد حقاً أن يبني جسر من التواصل ؟!!

- باغتته بقولها: لقد أحببتك مذ كنا صغاراً نلعب بين أزقة البلدة، قال لها: أششششش أصمتي فالجدران لها آذان.

- مشهد عادي جداً، بعد أن يوصلها إلى باب البيت بسيارته، وقبل أن تخرج يطبع على شفتيها قبلة.

الأربعاء، 26 أغسطس 2009

أشياء قد تحدث ..


- منذ أن دخل إلى الحمّام في الصباح
لم يخرج إلا عندما ابتلع البحر الشمس
سألته زوجته عن سبب تأخره في الحمّام
قال: سمكات ملعونات لم أستطع اصطياد واحدة من الحوض.

- صدرت روايته بلا عنوان
الغلاف لا يحمل إلا اسمه
البعض رجح بأنها تحكي سيرة حياة الكاتب
لكنها كانت تحكي قصة ثلاثة فتيات
يتصارعن على حب رجل واحد
لذا كان السبب الأرجح بأن الرجل الواحد هو الكاتب

- عندما أشتكى للطبيب بأنه لا يستطيع النوم طوال الليل
نصحه بأن يحكي لنفسه حكاية قبل أن ينام
حكى لنفسه حكاية لم تنته إلا في الصباح.

- في أول موعد بينهما
قال لها: أريد أن أصل إلى أبعد من قبلة

- عندما سمع بأن بيتهم الوحيد في القرية
لا يأتي فيه احد إلى المسجد لصلاة الفجر
أخذ يسابق الإمام على الآذان

- قبل أن ينام
يضع كريم الليل على وجه
بديل الزيت على شعره
مرهم بارد على عينه
ثم يغسل يديه،
ويدفن رأسه في وسادته
ويناااام

الثلاثاء، 25 أغسطس 2009

قط (قصة قصيرة)


قـط

يجلس القط بالقرب من الطاولة ، الطاولة تستدير برجل وأربعة كراسي ، الرجل يتناول أكله بشراسة ،والقط ينتظر أن يرمي له شيءً مما يأكله يسكت به بكاء معدته ، ظل الرجل يأكل على شراسته ولا يسمع موى قط جائع ولا يلتفت إليه ، القط مل من الانتظار وشعر بأن رقبته قد بدأت تؤلمه وهو ينظر إلى أعلى الطاولة ، لذا رفع من صوت مواه ، لكن الرجل مرة أخرى لم يلتفت إليه ولم يرمي له شيئاً مما يأكله ، عندما بدء القط يحك جسمه بقدم الرجل ليستعطفه ويشعره بوجوده وبجوعه أيضاً ، ركله الرجل بقدمه رمت به بعيداً ، جعلت القط يركض مسرعاً مبتعدا عنه ، قال الرجل غاضباً " تباً لهم لماذا ينشرون في الجرائد بأن القطط لا تحب النقانق " .

الأحد، 23 أغسطس 2009

هجوم الضباب


كنت أرعى الأغنام


أطارد تلك التي تخرج عن المجموعة


عندما رأيت الضباب


لأول مرة يشن هجوماً على القرية


ضننت بأن الساعة قد حانت


رميت عصاي


ورفعت يداي إلى السماء


قلت :


أيها الرب


ما زالت هناك أحلام مؤجلة


ما زال الحزن يؤثث أيامي البائسة


رأيت أغنامي تضاجع الضباب


أخذت عصاي


رميتها في وجه الضباب


هرب الضباب وانكشف المكان


ركضت أبحث عن الأغنام .!!